أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أصبتُ لَقِنًا غيرَ مأمون، يستعمل آلة الدين للدنيا، ويستظهر بحُجَج الله على كتابه وبنِعَمِه على معاصيه، أو (1) حامل حقٍّ لا بصيرةَ له في إحيائه، ينقدحُ الشكُّ في قلبه بأول عارضٍ من شبهة، لا يدري أين الحقُّ، إن قال أخطأ، وإن أخطأ لم يدْرِ، مشغوفٌ (2) بما لا يدري حقيقته، فهو فتنةٌ لمن (3) فُتِنَ به، وإنّ من الخير كلِّه مَن عرَّفه الله دينَه، وكفى بالمرء جهلًا أن لا يعرف دينه.
وذكر أبو عمر (4) عن أبي البَخْتري عن علي - رضي الله عنه - قال: إيّاكم والاستنانَ بالرجال، فإن الرجل يعمل بعمل أهل الجنة، ثم ينقلب لعِلم الله فيه فيعمل بعمل أهل النار، فيموت وهو من أهل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار، فينقلب لعِلْم الله فيه فيعمل بعمل أهل الجنة، فيموت وهو من أهل الجنة، فإن كنتم لا بدَّ فاعلينَ فبالأموات لا بالأحياء.
وقال ابن مسعود: لا يقلِّدنَّ أحدُكم دينَه رجلًا إن آمنَ آمنَ وإن كفر كفر، فإنه لا أسوةَ في الشر (5).