أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وخفي على أبي موسى الأشعري ميراث بنت الابن مع البنت السدس، حتى ذُكِر له أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورَّثها ذلك (1).
وخفي على ابن عباس تحريم لحوم الحُمُر الأهلية، حتى ذُكِر له أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرَّمها يوم خيبر (2).
وخفي على ابن مسعود حكم المفوّضة، وتردَّدوا إليه فيها شهرًا فأفتاهم برأيه، ثم بلغه النصُّ بمثل ما أفتى به (3).
وهذا باب لو تتبعناه لجاء سِفْرًا كبيرًا، فنسأل حينئذٍ فرقةَ التقليد: هل يجوز أن يخفى على من قلَّدتموه بعضُ شأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كما خفي ذلك على سادات الأمة أو لا؟ فإن قالوا: «لا يخفى عليه» وقد [48/أ] خفي على الصحابة مع قرب عهدهم= بلغوا في الغلوّ مبلغَ مدَّعي العصمة في الأئمة، وإن قالوا: «بل يجوز أن يخفى عليهم» وهو الواقع، وهم مراتبُ في الخفاء في القلة والكثرة= قلنا (4): فنحن نناشدكم الله الذي هو عند لسان كل (5) قائل وقلبه، إذا قضى الله ورسوله أمرًا خفي على من قلّدتموه: هل تبقى لكم الخيرةُ بين قبول قوله وردِّه، أم تنقطع خِيرتُكم وتوجبون العمل بما قضاه الله ورسوله عينًا لا يجوز سواه؟ فأعِدُّوا لهذا السؤال جوابًا، وللجواب صوابًا؛ فإن السؤال واقع، والجواب لازم.