أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثالث
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد عزير شمس
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 633
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الآية تتناول الطائفتين، وطاعتهم من طاعة الرسول، لكن خفي على المقلّدين أنهم إنما يُطاعون في طاعة الله إذا أمروا بأمر الله ورسوله؛ فكان العلماء مبلِّغين لأمر الرسول، والأمراء منفِّذين له، فحينئذٍ تجب طاعتهم تبعًا لطاعة الله ورسوله، فأين في الآية تقديم آراء الرجال على سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإيثارُ التقليد عليها؟ الوجه الحادي والأربعون: أن هذه الآية من أكبر الحجج عليهم، وأعظمها إبطالًا للتقليد، وذلك من وجوه: أحدها: الأمر بطاعة الله التي هي امتثال أمره واجتناب نهيه.
الثاني: طاعة رسوله، ولا يكون العبد مطيعًا لله ورسوله حتى يكون عالمًا بأمر الله ورسوله، ومن أقرَّ على نفسه بأنه ليس من أهل العلم بأوامر الله ورسوله (1) وإنما هو مقلّد فيها لأهل العلم= لم يُمكِنْه تحقيقُ طاعة الله ورسوله البتةَ.
الثالث: أن أولي الأمر قد نَهوا عن تقليدهم، كما صحَّ ذلك عن معاذ بن جبل وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وغيرهم من الصحابة، وذكرناه نصًّا عن الأئمة الأربعة وغيرهم (2)، وحينئذٍ فطاعتهم في ذلك إن كانت واجبةً بطل التقليد، وإن لم تكن واجبةً بطل الاستدلال.
الرابع: أنه سبحانه قال في الآية نفسها: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ