أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وهذا في صوم الفرض. وأما النفل فصحَّ عنه أنه كان ينشئه بنية من النهار، فسوَّيتم بينهما في إجزائهما بنية من النهار، وقد فرَّق الشارع بينهما. وفرَّقتم بين بعض الصوم المفروض وبعض في اعتبار النية من الليل، وقد سوَّى الشارع بينهما.
والفرق بالتعيين وعدمه عديم التأثير، فإنه وإن تعيَّن لم يصِرْ عبادةً إلا بالنية. ولهذا لو أمسك عن الأكل والشرب من غير نية لم يكن صائمًا. فإذا لم تقارن النية جميع أجزاء اليوم فقد خرج بعضه عن أن يكون عبادة، فلم يؤدِّ ما أُمِر به، وتعيينه لا يزيد وجوبه إلا تأكيدًا واقتضاءً. فلو قيل: إن المعيَّن أولى بوجوب النية من الليل من غير المعيَّن لكان أصحَّ في القياس.
والقياس الصحيح هو الذي جاءت به السنة من الفرق بين الفرض والنفل. فلا يصح الفرض إلا بنية من الليل، والنفل يصح بنية من النهار، لأنه يسامَح (1) فيه ما لا يسامَح في [181/ب] الفرض، كما يجوز أن يصلي النفل قاعدًا وراكبًا على دابته إلى القبلة وغيرها، وفي ذلك تكثير النفل وتيسير الدخول فيه. والرجل لما كان مخيَّرًا بين الدخول فيه وعدمه، ويخيَّر بين الخروج منه وإتمامه= خُيِّر بين التبييت والنية من النهار. فهذا محض القياس وموجب السنة. ولله الحمد.
وفرَّقتم بين ما جمع الله بينهما من جماع الصائم والمعتكف، فقلتم: لو