
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
أوجبه الآخر على نفسه، فصارتا كالظهر الواحدة. وهذا ليس يُجدي شيئًا، فإنَّ سبب الوجوب مختلف كما في الصورة الأولى سواء، وهو نذرُ كلِّ واحد منهما على نفسه، وليس الواجب على أحدهما هو عين الواجب على الآخر، بل هو مثله؛ ولهذا لا يتأدَّى أحدُ الواجبين بأداء الآخر. ولا فرق بين المسألتين في ذلك البتة، فإنَّ كلَّ واحد (1) يجب عليه ركعتان نظير ما وجب على الآخر بنذره. فالسبب متماثل (2)، والواجب متماثل، والتعدُّد في الجانبين سواء. فالتفريق بينهما تفريق بيِّن (3)، وخروج عن محض القياس.
وفرَّقتم بين ما جمع النصُّ والميزان بينهما، فقلتم: إذا ظفِر برِكازٍ (4) فعليه فيه الخُمْس، ثم يجوز له صرفُه إلى أولاده وإلى نفسه إذا احتاج إليه. وإذا وجب عليه عشرُ [179/أ] الخارج من الأرض لم يكن له صرفُه إلى ولده ولا إلى نفسه. وكلاهما واجب عليه إخراجُه لحقِّ الله وشكرًا لنعمته (5) بما أنعم عليه من المال، ولكن لما كان الرِّكازُ مالًا مجموعًا لم يكن نماؤه وكماله بفعله، فالمؤنةُ فيه أيسرُ= كان الواجب فيه أكثر. ولما كان الزرعُ فيه من المؤنة والكلفة والعمل أكثرُ مما في الركاز= كان الواجب فيه نصفه، وهو العشر. فإن اشتدَّت المؤنة بالسقي بالكلفة حُطَّ الواجبُ إلى نصفه وهو