
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
اقتدى به في الوقت لم ينتقل فرضه إلى فرض إمامه؛ بخلاف المسافر، فإنه لو اقتدى بالمقيم في الوقت انتقل فرضه إلى فرض إمامه.
ثم ناقضتم، فقلتم (1): إذا كان الإمام مسافرًا، وخلفه مسافرون ومقيمون، فاستخلف الإمام مقيمًا= فإن فرض الإمام لا ينتقل إلى فرض إمامه وهو فرض المقيمين، مع أن الفرق في الأصل مدخول. وذلك أن الصلاتين سواء في الاسم والحكم والوضع (2) والوجوب، وإن اختلفتا (3) في كون الإمام يصلِّي (4)، فإذا صلى الإمام أربعًا وجب على المأموم أن يصلِّي بصلاته كما لو كان في الوقت. وخروج الوقت لا أثر له في ذلك، فإن الذي فرضه الله عليه في الوقت هو بعينه فرضه بعد الوقت، ولا سيما إذا كان نائمًا أو ناسيًا، فإن وقت اليقظة والذكر هو الوقت الذي شرع الله له الصلاة فيه (5)، وعذر السفر قائم، وارتباط صلاته بصلاة الإمام حاصل. فما الذي فرَّق بين الصورتين مع اتحاد السبب الجامع، وقيام الحكمة المجوِّزة للقصر والمرجِّحة لمصلحة الاقتداء عند الانفراد؟ وفرَّقتم بين ما جمعت الشريعة بينهما ــ وهو الحيض، والنفاس ــ فجعلتم أقلَّ الحيض محدودًا إما بثلاثة أيام أو بيوم وليلة أو بيوم، ولم تحُدُّوا أقلَّ النفاس، وكلاهما دم خارج من الفرج يمنع أشياء ويوجب أشياء.