
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فإن قيل: لكنه خرج إلى وقت نهي في الصبح وهو وقت طلوع الشمس، ولم يخرج إلى وقت نهي في المغرب.
قيل: وهذا فرق فاسد، لأنه ليس بوقت نهيٍ عن هذه الصلاة التي هو فيها، بل هو وقتُ أمرٍ بإتمامها بنصِّ صاحبِ الشرع حيث يقول (1): «فَلْيُتِمَّ صلاتَه»، وإن كان وقتَ نهي بالنسبة إلى التطوع. فظهر أن الميزان الصحيح مع السنة الصحيحة، وبالله التوفيق (2).
وجمعتم بين ما فرَّق الله بينه، فقلتم: المختلعة البائنة التي قد ملكت نفسها يلحقها الطلاق، فسوَّيتم بينها وبين الرجعية في ذلك. وقد فرَّق الله بينهما بأن جعل هذه مفتديةً لنفسها مالكةً لها كالأجنبية، وتلك زوجُها أحقُّ بها. ثم فرَّقتم بين ما جمع الله بينه، فأوقعتم عليها مرسلَ الطلاق دون معلَّقه، وصريحَه دون كنايته. ومن المعلوم أن من ملَّكه الله أحدَ الطلاقين ملَّكه الآخر، ومن لم يملِّكه هذا لم يملِّكه هذا.
وجمعتم بين ما فرَّق [176/أ] الله بينه، فمنعتم من أكل الضَّبِّ وقد أُكِل على مائدة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ينظر، وقيل له: أحرام هو؟ فقال: لا؛ فقستموه على الأحناش والفئران. وفرَّقتم بين ما جمعت السنَّة بينه من لحوم الخيل التي أكلها الصحابة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع لحوم الإبل وأذِنَ الله تعالى فيها، فجمع الله ورسوله بينهما في الحِلِّ، وفرَّق الله ورسوله بين الضَّبِّ والحَنَش (3) في التحريم.