أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

3448 1

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 520

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

[174/أ] فقلتم: هذا عقد باطل لا يفيد الملك ولا الحِلَّ حتى يصرِّحا بلفظ «بعت واشتريت». ولا يكفيهما أن يقول كلُّ واحد منهما: «أنا راضٍ بهذا كلَّ الرِّضى»، ولا «قد رضيتُ بهذا عوضًا عن هذا»، مع كون هذا اللفظ أدلَّ على الرِّضى الذي جعله الله سبحانه شرطًا للحِلِّ من لفظه: «بعت واشتريت»، فإنه لفظ صريح فيه، و «بعت واشتريت» إنما يدل عليه باللزوم.
وكذلك عقدُ النكاح، وليس ذلك من العبادات التي تعبَّدَنا الشارعُ فيها بألفاظ لا يقوم غيرُها مقامَها كالأذان وقراءة الفاتحة في الصلاة وألفاظ التشهد وتكبيرة الإحرام وغيرها، بل هذه العقود تقع من البَرِّ والفاجر والمسلم والكافر، ولم يتعبَّدنا الشارعُ فيها بألفاظ معينة، فلا فرق أصلًا بين لفظ الإنكاح والتزويج وبين كلِّ لفظ يدل على معناهما.
وأفسَدُ من ذلك اشتراطُ العربية مع وقوع النكاح من العرب والعجم والترك والبربر ومن لا يعرف كلمة عربية، والعجب أنكم اشترطتم تلفُّظَه بلفظٍ لا يدري ما معناه البتة، وإنما هو عنده بمنزلة صوتٍ في الهواء فارغٍ لا معنى تحته، فعقدتم العقدَ به، وأبطلتموه بتلفظه باللفظ الذي يعرفه، ويفهم معناه، ويميِّز بين معناه وغيره. وهذا من أبطل القياس، ولا يقتضي القياس إلا ضدَّ هذا، فجمعتم بين ما فرَّق الله بينه، وفرَّقتم بين ما جمع الله بينه.
وبإزاء هذا القياس قياسُ من يجوِّز قراءة القرآن بالفارسية، ويجوِّز انعقاد الصلاة [174/ب] بكلِّ لفظ يدل على التعظيم كسبحان الله، وجلَّ الله، والله العظيم، ونحوه ــ عربيًّا كان أو فارسيًّا ــ ويجوِّز إبدال لفظ التشهد بما يقوم مقامه. وكلُّ هذا من جنايات الآراء والأقيسة. والصواب: اتباع ألفاظ العبادات والوقوف معها. وأما العقود والمعاملات فإنما تُتَّبع مقاصدها

الصفحة

75/ 520

مرحبًا بك !
مرحبا بك !