
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إذ لا يليق أن يَقتُل بالنظرة والقبلة (1) ويقطعَ بسرقة الحبة والدينار.
وكذلك التفاوت بين العقوبات مع استواء الجرائم قبيح في الفِطَر والعقول، وكلاهما تأباه حكمةُ الربِّ تعالى وعدله وإحسانه إلى خلقه. فأوقع العقوبة تارةً بإتلاف النفس إذا انتهت الجناية في عظمها إلى غاية القبح، كالجناية على النفس أو الدين، أو الجناية التي ضررها عامٌّ. فالمفسدة التي في هذه العقوبة خاصَّة، والمصلحة الحاصلة بها أضعاف أضعاف تلك المفسدة، كما قال تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 179]. فلو لا القصاص لفسد العالم، [311/ب] وأهلك الناسُ بعضُهم بعضًا ابتداءً واستيفاءً؛ فكان في القصاص دفعٌ (2) لمفسدة التجرِّي (3) على الدماء بالجناية وبالاستيفاء. وقد قالت العرب في جاهليتها: «القتل أنفى للقتل» (4). وبسفك الدماء تُحقَن الدماء. فلم تُغسل النجاسة بالنجاسة، بل الجناية نجاسة، والقصاص طُهْرة. وإذا لم يكن بدٌّ من موت القاتل ومن استحقَّ القتل فموته بالسيف أنفع له في عاجلته وآجلته، والموت به أسرع الموتات وأوحاها (5) وأقلُّها ألمًا. فموته به