أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

3511 1

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 520

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وأما القطع، فجعله عقوبةَ مثله عدلًا، وعقوبةَ السارق، فكانت عقوبته به أبلغ وأردع من عقوبته بالجلد. ولم تبلغ جنايتُه حدَّ العقوبة بالقتل، فكان أليق العقوبات به إبانة العضو الذي جعله وسيلةً إلى أذى الناس، وأخذ أموالهم. ولما كان ضررُ المحارب أشدَّ من ضرر [307/أ] السارق، وعدوانُه أعظمَ= ضَمَّ إلى قطع يده قطعَ رجله، ليكفَّ عدوانه، وشرَّ يده التي بطش بها، ورجلِه التي سعى بها، وشرَع أن يكون ذلك من خلافٍ، لئلا يفوِّت عليه منفعةَ الشِّقِّ بكماله. فكفَّ ضرره وعدوانه، ورحِمَه بأن أبقى له يدًا من شِقٍّ، ورجلًا من شِقٍّ.
وأما الجَلد، فجعله عقوبة الجناية على الأعراض، وعلى العقول، وعلى الأبضاع. ولم تبلغ هذه الجنايات مبلغًا يُوجِب القتل ولا إبانة طرف؛ إلا الجناية على الأبضاع فإن مفسدتها قد انتهضت سببًا لأشنع القتلات، ولكن عارضها في البِكْر شدةُ الداعي وعدمُ المعوَّض (1)، فانتهض ذلك المعارض سببًا لإسقاط القتل. ولم يكن الجلد وحده كافيًا في الزجر، فغلَّظ بالنفي والتغريب، ليذوق من ألم الغربة ومفارقة الوطن ومجانبة الأهل والخلطاء ما يزجُره عن المعاودة.
وأما الجناية على العقول بالسكر، فكانت مفسدتها لا تتعدَّى السكران غالبًا. ولهذا لم يحرَّم السكرُ في أول الإسلام، كما حُرِّمت الفواحش والظلم والعدوان في كلِّ ملة وعلى لسان كلِّ نبي. وكانت عقوبة هذه الجناية غير مقدَّرة من الشارع، بل ضرَب فيها بالأيدي والنعال وأطراف الثياب والجريد، وضرَب فيها

الصفحة

410/ 520

مرحبًا بك !
مرحبا بك !