أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

7892 2

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 520

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

والمصلحة؛ فإن الله سبحانه أكمل لهذه الأمة دينها، وأتمَّ عليها نعمته، وأباح لها من الطيبات ما لم يُبِحه لأمة غيرها. فأباح للرجل أن ينكح من أطايب النساء أربعًا، وأن يتسرَّى من الإماء بما شاء، وليس التسرِّي في شريعة أخرى غيرها. ثم أكمل لعبده شرعَه، وأتمَّ عليه نعمته، بأن ملَّكه أن يفارق امرأته ويأخذ غيرها، إذ لعل الأولى لا تصلح له ولا توافقه، فلم يجعلها غُلًّا في عنقه، وقيدًا في رِجله، وإصرًا على ظهره. وشرع له فراقها على أكمل الوجوه لها وله، بأن يفارقها واحدةً، ثم تتربَّص ثلاثةَ قروء، والغالب أنها في ثلاثة أشهر. فإن تاقت نفسه إليها، وكان له فيها رغبة، وصرَف مقلبُ القلوب قلبَه إلى محبتها= وجد السبيلَ إلى ردِّها ممكنًا، والبابَ مفتوحًا، فراجع حبيبته (1)، [292/أ] واستقبل أمره، وعاد إلى يده ما أخرجته يدُ الغضب ونزغات الشيطان منها. ثم لا تؤمن غلَباتُ الطباع ونزَغاتُ الشيطان من المعاودة، فمُكِّن من ذلك أيضًا مرة ثانية. ولعلها أن تذوق من مرارة الطلاق وخراب البيت ما يمنعها من معاودة ما يُغضبه، ويذوق هو من ألم فراقها ما يمنعه من التسرُّع إلى الطلاق. فإذا جاءت الثالثة جاء ما لا مردَّ له من أمر الله، وقيل له: قد اندفعت حاجتك بالمرة الأولى والثانية، ولم يبق لك عليها بعد الثالثة سبيل. فإذا علم أن الثالثة فراقُ بينه وبينها وأنها القاضية أمسك عن إيقاعها.
فإنه إذا علم أنها بعد الثالثة لا تحِلُّ له إلا بعد تربُّص ثلاثة قروء، وتزوُّجٍ بزوجٍ راغبٍ في نكاحها وإمساكها، وأن الأول لا سبيل له إليها حتى يدخل بها الثاني دخولًا كاملًا يذوق فيه كلُّ واحد منهما عُسَيلةَ صاحبه بحيث يمنعهما ذلك من تعجيل الفراق، ثم يفارقها بموت أو طلاق أو خلع،

الصفحة

374/ 520

مرحباً بك !
مرحبا بك !