
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
- صلى الله عليه وسلم - لم يأمر المختلعة قطُّ أن تعتدَّ بثلاث حِيَض، بل قد روى أهل السنن عنه من حديث الربيِّع بنت معوِّذ أن ثابت بن قيس ضرب امرأته، فكسر يدها، وهي جميلة بنت عبد الله بن أُبَيّ (1). فأتى أخوها يشتكيه (2) إلى رسول الله. فأرسل رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - إلى ثابت، فقال: «خُذ الذي لها عليك، وخَلِّ سبيلها». قال: نعم. فأمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن تتربَّص حيضةً واحدةً، وتلحق بأهلها (3).
وذكر أبو داود والنسائي من حديث ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس اختلعت من زوجها، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو أُمِرَتْ أن تعتدَّ بحَيضة (4). قال الترمذي: «الصحيح أنها أُمِرت أن تعتدَّ بحَيضة».
وهذه الأحاديث لها طرقٌ يصدِّق بعضُها بعضًا. وأُعِلَّ الحديثُ بعلَّتين. إحداهما: إرساله، والثانية (5): أن الصحيح فيه «أُمِرت» بحذف الفاعل. والعلَّتان غير مؤثِّرتين، فإنه قد روي من وجوه متصلة، ولا تعارُضَ بين «أُمِرَتْ» و «أمرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -»، إذ من المحال أن يكون الآمر لها بذلك غير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حياته. وإذا كان الحديث قد روي بلفظ محتمل، ولفظ صريح يفسِّر المحتملَ ويبيِّنه، فكيف يُجعَل المحتملُ معارضًا للمفسِّر، بل مقدَّمًا [289/أ] عليه؟