
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الصحيح هو القول الآخر، فموافقته للقياس والحكمة والمصلحة ظاهرٌ جدًّا، فإن العاريَّة من مصالح بني آدم التي لا بد لهم منها، ولا غنى لهم عنها. وهي واجبة عند حاجة المستعير وضرورته إليها إما بأجرة أو مجانًا. ولا يمكن المعيرَ كلَّ وقت أن [284/ب] يُشْهِد على العارية، ولا يمكن الاحتراز بمنع العارية شرعًا وعادةً وعرفًا. ولا فرق في المعنى بين من توصَّل إلى أخذ متاع غيره بالسرقة، وبين من توصَّل إليه بالعارية وجحدها. وهذا بخلاف جاحد الوديعة، فإن صاحب المتاع فرَّط حيث ائتمنه.
فصل وأما قطعُ اليد في ربع دينار، وجعلُ ديتها خمسمائة دينار؛ فمن أعظم المصالح والحكمة، فإنه احتاط (1) في الموضعين للأموال والأطراف. فقطَعَها في ربع دينار حفظًا للأموال، وجعَلَ ديتها خمسمائة دينار حفظًا لها وصيانةً. وقد أورد بعضُ الزنادقة هذا السؤال، وضمَّنه بيتين، فقال (2): يدٌ بخمس مِئٍ من عسجدٍ وُدِيت ... ما بالُها قُطِعت في ربع دينار (3) تناقضٌ ما لنا إلا السكوت له ... ونستجير بمولانا من العار (4)
فأجابه بعض الفقهاء بأنها كانت ثمينة لما كانت أمينة، فلما خانت