أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
إسحاق بن راهويه، وقال: هو السنة في دعوى الولد (1). وكان الشافعي يقول به في القديم (2). وأما الإمام أحمد فسئل عنه فرجَّح عليه حديث القافة، وقال: حديث القافة أحبُّ إلي (3).
وهاهنا أمران. أحدهما: دخول القرعة في النسب. والثاني: تغريم من خرجت له القرعة ثلثي دية ولده لصاحبيه. وكلٌّ منهما بعيد عن القياس، فلذلك قالوا: هذا من أبعد شيء عن القياس.
فيقال: القرعة قد تستعمل عند فقدان مرجِّحٍ سواها من بينة أو إقرار أو قافة. وليس ببعيد تعيينُ المستحق بالقرعة في هذه الحال، إذ هي غاية المقدور عليه من أسباب ترجيح الدعوى. ولها دخول في دعوى الأملاك المرسلة التي لا تثبت بقرينة ولا أمارة، فدخولها في النسب الذي يثبت بمجرَّد الشبه الخفي المستند إلى قول القائف أولى وأحرى.
وأما أمر الدية فمشكل جدًّا، فإن هذا ليس بقتل يوجب الدية، وإنما هو تفويت [273/أ] نسبه بخروج القرعة له. فيمكن أن يقال: وطءُ كلِّ واحدٍ صالحٌ لجعل الولد له، فقد فوَّته كلُّ واحد منهم على صاحبه بوطئه، ولكن لم يتحقق من كان له الولد منهم. فلما أخرجته القرعة لأحدهم صار مفوِّتًا لنسبه عن (4) صاحبيه، فأُجري ذلك مجرى إتلاف الولد، ونُزِّل الثلاثة منزلة أب واحد، فحصة المتلِف منه ثلث الدية، إذ قد عاد الولد له، فيغرم لكلٍّ من