أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

3275 1

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 520

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

الارتفاقُ من الجانبين: هذا يرتفق بتعجيل الثمن، وهذا يرتفق برخص المثمّن. وهذا قد يكون في منقطع الجنس، كما قد يكون في متصله. فالذي جاءت به الشريعة أكمل شيء وأقومه بمصالح العباد.
فصل وأما الكتابة، فمن قال: هي على خلاف القياس، قال: هي بيع السيِّد ماله بماله. وهذا غلط، وإنما باع العبد نفسه بمال في ذمته، والسيِّد لا حقَّ له في ذمة العبد، وإنما حقُّه في بدنه؛ فإن السيد حقُّه في ماليّة العبد لا في إنسانيّته، وإنما يطالب العبد بما في ذمته بعد عتقه، وحينئذ فلا ملك للسيد عليه. وإذا عُرِف هذا فالكتابة: بيعه نفسَه بمال في ذمته، ثم إذا اشترى نفسه كان كسبُه له ونفعه له، وهو حادث على ملكه الذي استحقَّه بعقد الكتابة. ومن تمام حكمة الشارع أنه أخَّر فيها العتق إلى حين الأداء، لأن السيد لم يرض بخروجه عن ملكه إلا بأن يسلَّم له العوض، فمتى لم يسلَّم له العوض وعجز العبد عنه كان له الرجوعُ في البيع. فلو وقع العتق لم يمكن رفعه بعد ذلك، فيحصل السيد على الحرمان. فراعى الشارع مصلحة السيد ومصلحة العبد، وشرع الكتابة على أكمل الوجوه وأشدِّها مطابقةً للقياس الصحيح.
وهذا هو القياس في سائر المعاوضات، وبه جاءت السنة الصحيحة الصريحة الذي لا معارض لها: أن المشتري إذا عجز عن الثمن كان للبائع الرجوع في عين ماله، وسواء حكم الحاكمُ بفَلَسه أم لا. والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يشترط حكم الحاكم، ولا أشار إليه، ولا دلَّ عليه بوجه ما، فلا وجه لاشتراطه. وإنما المعنى الموجِب للرجوع [246/أ] هو الفلَس الذي حال بين البائع وبين الثمن. وهذا المعنى موجود بدون حكم الحاكم، فيجب ترتيب

الصفحة

263/ 520

مرحبًا بك !
مرحبا بك !