
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
الممسوحين بالعفو، إذ لو مُسِحا بالتراب لم يكن فيه [244/ب] تخفيف عنهما، بل كان فيه انتقال من مسحهما بالماء إلى مسحهما بالتراب. فظهر أن الذي جاءت به الشريعة هو أعدل الأمور وأكملها، وهو الميزان الصحيح.
وأما كون تيمم الجنب كتيمم المحدِث، فلما سقط مسح الرأس والرجلين بالتراب عن المحدِث سقط مسحُ البدن كلِّه بالتراب عنه بطريق الأولى، إذ في ذلك من المشقة والحرج والعسر ما يناقض رخصة التيمم، ويدخل أكرم المخلوقات على الله في شبه البهائم إذا تمرَّغ في التراب. فالذي جاءت به الشريعة لا مزيد في الحسن والحكمة والعدل عليه، ولله الحمد.
فصل وأما السَّلَم، فمن ظن أنه على خلاف القياس توهَّم دخوله تحت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا تَبِع ما ليس عندك» (1). وأنه (2) بيعُ معدوم، والقياس يمنع منه. والصواب أنه على وفق القياس، فإنه بيعُ مضمون في الذمة موصوف مقدور على تسليمه غالبًا، وهو كالمعاوضة على المنافع في الإجارة، وقد تقدَّم أنها