أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

أعلام الموقعين عن رب العالمين ج2

2986 1

أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]

تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 520

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


اجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

وكذلك الذين أبطلوا المزارعة والمساقاة ظنُّوا أنهما إجارة بعوض مجهول فأبطلوهما. وبعضهم صحَّح منهما ما تدعو إليه الحاجة كالمساقاة على الشجر لعدم إمكان إجارتها بخلاف الأرض فإنه يمكن إجارتها، وجوَّزوا من المزارعة ما يكون تبعًا للمساقاة إما مطلقًا وإما إذا كان البياض الثلث. وهذا كلُّه بناء على أن مقتضى الدليل بطلان المزارعة، وإنما جُوِّزت للحاجة.
ومن أعطى النظرَ حقَّه علِم أن المزارعة أبعد عن الظلم والغَرر (1) من الإجارة بأجرة مسمَّاة [237/أ] مضمونة في الذمة، فإن المستأجر إنما يقصد الانتفاع بالزرع النابت في الأرض، فإذا لزمته الأجرة، ومقصوده من الزرع قد يحصل وقد لا يحصل، كان في هذا حصولُ أحد المعاوضين (2) على مقصوده دون الآخر. فأحدهما غانم ولا بد، والآخر متردِّد بين الغُنم والغُرم (3). وأما المزارعة فإن حصل الزرع اشتركا فيه، وإن لم يحصل شيء اشتركا في الحرمان، فلا يختص أحدهما بحصول مقصوده دون الآخر، فهذا أقرب إلى العدل وأبعد عن الظلم والغرر من الإجارة.
والأصل في العقود كلِّها إنما هو: العدل الذي بُعثت به الرسل وأُنزلت به الكتب. قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: 25]. والشارع نهى عن الربا لما

الصفحة

239/ 520

مرحبًا بك !
مرحبا بك !