
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فإن قيل: فأي فائدة في التقييد بقوله: {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ} والحكم لا يختص بما فوقهما؟ قيل: حسنُ ترتيب الكلام وتأليفه ومطابقة مضمره لظاهره أوجَبَ ذلك، فإنه سبحانه قال: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ} فالضمير في: «كن» مجموع يطابق الأولاد، أي فإن كان الأولاد نساءً، فذكر لفظ «الأولاد» وهو جمع، وضمير: «كن» وهو ضمير جمع، و «نساء» وهو اسم جمع= فلم يكن بدٌّ من «فوق اثنتين».
وفيه نكتة أخرى، وهو (1) أنه سبحانه قد ذكر ميراث الواحدة نصًّا وميراث الاثنين تنبيهًا كما تقدَّم، فكان في ذكر العدد الزائد على الاثنتين دلالة على أن الفرض لا يزيد بزيادتهن على الاثنتين، كما زاد بزيادة الواحدة على الأخرى.
وأيضًا فإن ميراث الاثنتين قد عُلِم من النص، فلو قال: «فإن كانتا اثنتين» كان تكريرًا، ولم يُعلَم منه حكمُ ما زاد عليهما، فكان ذكرُ الجمع في غاية البيان والإيجاز، وتطابق أول الكلام وآخره، وحسن تأليفه وتناسبه.
وهذا بخلاف سياق آخر السورة، فإنه قال: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} فلم يتقدَّم اسمُ جمع ولا ضميرُ جمع يقتضي أن يقول: