
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بغيرها. فلا تنافي بينه وبين قوله: «فلأولى رجل ذكر»، بل هذا (1) إذا لم يكن ثَمَّ عصبة بغيره، بل كان العصبة عصبةً بأنفسهم، فيكون أولاهم وأقربُهم إلى الميِّت أحقَّهم بالمال. وأما إذا اجتمع العصبتان، فقد دلَّ حديث ابن مسعود الصحيح أن تعصيب الأخت أولى من تعصيب من هو أبعد منها، فإنه أعطاها الباقي ولم يعطه لابن عمِّه مع القطع بأنَّ (2) العرب بنو عمٍّ، بعضُهم لبعض، فقريب وبعيد؛ ولا سيما إن كان ما حكاه ابن [225/أ] مسعود من قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضاءً عامًّا كُلِّيًّا، فالأمر حينئذ يكون أظهر وأظهر.
فصل ومما يبيِّن صحة قول الجمهور: أن قوله تعالى: {لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} إنما يدل منطوقه على أنها ترث النصف مع عدم الولد. والمفهومُ إنما يقتضي أن الحكم في المسكوت ليس مماثلًا للحكم في المنطوق. فإذا كان فيه تفصيلٌ حصل بذلك مقصود المخالفة، فلا يجب أن يكون كلُّ صورة من صور المسكوت مخالفةً لكلِّ صور المنطوق. ومن توهَّم ذلك فقد توهَّم باطلًا، فإن المفهوم إنما يدل بطريق التعليل أو بطريق التخصيص، والحكمُ إذا ثبت لعلة فانتفت في بعض الصور أو جميعها جاز أن يخلُفَها علة أخرى.
وأما قصد التخصيص فإنه يحصل بالتفصيل. وحينئذ فإذا نفَينا إرثها مع ذكور الولد، أو نفَينا إرثها النصف فرضًا (3) مع إناثهم= وفَّينا بدليل الخطاب.