
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
عباس: أين في كتاب الله ثلث ما بقي؟ فقال زيد: وليس في كتاب الله إعطاؤها الثلث كلَّه مع الزوجين، أو كما قال. بل كتاب الله يمنع إعطاءها الثلث مع أحد الزوجين، فإنه لو أعطاها الثلث مع الزوج لقال: فإن لم يكن له ولد فلأمه الثلث، فكانت تستحقُّه مطلقًا. فلما خصَّ الثلث ببعض الأحوال عُلِم أنها لا تستحقه مطلقًا. ولو أعطيته مطلقًا لكان قوله: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ} زيادةً في اللفظ ونقصًا في المعنى، وكان ذكره عديم الفائدة. ولا يمكن أن تعطى السدس، لأنه إنما جُعِل لها مع الولد أو الإخوة. فدلَّ القرآن على أنها لا تعطى السدس مع أحد الزوجين ولا تعطى الثلث، وكان قسمة ما بقي بعد فرض الزوجين بين الأبوين مثل قسمة أصل المال [221/ب] بينهما. وليس بينهما فرق أصلًا، لا في القياس ولا في المعنى.
فإن قيل: فهل هذه دلالة خطابية لفظية أو قياسية محضة؟ قيل: هي ذات وجهين. فهي لفظية من جهة دلالة الخطاب، وضمِّ بعضه إلى بعض، واعتبار بعضه ببعض. وقياسية من جهة اعتبار المعنى، والجمع بين المتماثلين والفرق بين المختلفين. وأكثر دلالات النصوص كذلك كما في قوله: «من أعتق شِرْكًا له في عبد» (1)، وقوله: «أيُّما رجلٍ وجد متاعَه بعينه عند رجل قد أفلس فهو أحقُّ به» (2)، وقوله: «من باع شِرْكًا له في أرض أو رَبْعة أو حائط» (3) حيث يتناول الحوانيت، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ