
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
اقتضائه= تبيَّن له بقاءُ (1) النقل، مثل رؤية الماء في الصلاة لا تنقض الوضوء، وإلا فمع تجويزه لكونه ناقضًا للوضوء لا يطمئن ببقاء الوضوء.
وهكذا كلُّ من وقع النزاعُ في انتقاض وضوئه ووجوب الغسل عليه، فإن الأصل بقاء طهارته؛ كالنزاع في بطلان الوضوء بخروج النجاسات من غير السبيلين، وبالخارج النادر منهما، وبمسِّ [207/ب] النساء لشهوة وغيرها، وبأكل ما مسَّته النار، وغسلِ الميت، وغير ذلك= لا يمكنه اعتقاد استصحاب الحال فيه حتى يتبيَّن (2) له بطلانُ ما يوجب الانتقال، وإلا بقي شاكًّا. وإن لم يتبيَّن له صحة الناقل ــ كما لو أخبره فاسق بخبر ــ فإنه مأمور بالتبيُّن والتثبُّت، لم يؤمر بتصديقه (3) ولا تكذيبه (4)، فإن كليهما ممكن منه. وهو مع خبره لا يستدلُّ باستصحاب الحال، كما كان يستدلُّ به بدون خبره. ولهذا جُعِل لَوْثًا وشبهةً. وإذا شهد مجهولُ الحال فإنه هناك شاكٌّ في حال الشاهد، ويلزم منه الشكُّ في حال المشهود به. فإذا تبيَّن كونُه عدلًا تمَّ الدليل. وعند شهادة المجهولين تضعُف البراءةُ أعظمَ مما تضعُف عند شهادة الفاسق، فإنه في الشاهد قد يكون دليلًا ولكن لا تُعرَف دلالتُه، وأما هناك فقد علمنا أنه ليس بدليل، لكن يمكن وجودُ المدلول (5) في هذه الصورة، فإنَّ صدقَه ممكن.