
أعلام الموقعين عن رب العالمين - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (28)]
تحقيق: محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 520
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قال: «لا ينصرِفْ حتى يسمعَ صوتًا أو يجد ريحًا» (1). ولما كان الأصل بقاء الصلاة في ذمته أمرَ الشاكَّ أن يبني على اليقين، ويطرح الشكَّ (2).
ولا يعارض هذا رفعُه للنكاح المتيقَّن بقول الأمة السوداء: إنها أرضعت الزوجين (3). فإن أصل الأبضاع على التحريم، وإنما أبيحت الزوجة بظاهر الحال مع كونها أجنبية. وقد عارض هذا الظاهرَ ظاهرٌ مثلُه أو أقوى منه، وهو الشهادة. فإذا تعارضا تساقطا، وبقي أصلُ التحريم لا معارض له. فهذا الذي حكم به النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - هو (4) عين الصواب ومحض القياس. وبالله التوفيق.
ولم يتنازع الفقهاء في هذا النوع، وإنما تنازعوا في بعض أحكامه لتجاذُب المسألةِ أصلين متعارضين. مثاله: أن مالكًا منع الرجلَ إذا شكَّ هل أحدث أم لا من الصلاة حتى يتوضأ؛ لأنه وإن كان الأصل بقاء الطهارة، فإن أصلَ (5) بقاءِ الصلاة في ذمته. فإن قلتم: لا نُخرجه من الطهارة [بالشك] (6)، قال مالك: ولا نُدخِله في الصلاة بالشك، فيكون قد خرج منها بالشكِّ. فإن قلتم: يقين الحدث قد ارتفع بالوضوء فلا يعود بالشك، قال منازعكم (7):