[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بقي أن أشير إلى أن للمؤلف كتابًا آخر كبيرًا في المحبة، ذكره في مواضع من كتبه، فيقول: «وقد ذكرنا هذه المسألة مستقصاةً وتوابعها في كتابنا الكبير في المحبة» (مدارج السالكين 2/ 54 طبعة الفقي)، ويقول في موضع آخر: «وجميع طرق الأدلة تدل على إثبات محبة العبد لربه والرب لعبده، وقد ذكرنا لذلك قريبًا من مئة طريق في كتابنا الكبير في المحبة، وذكرنا فيه فوائد المحبة، وما تثمر لصاحبها من الكمالات، وأسبابها وموجباتها، والرد على من أنكرها، وبيان فساد قوله، وأن المنكرين لذلك قد أنكروا خاصة الخلق والأمر، والغاية التي وجدوا لأجلها» (مدارج السالكين 3/ 19).
ويذكر في «مفتاح السعادة» (1/ 216) أنه سيُتبعه بعد الفراغ منه «كتابًا في الكلام على المحبة وأقسامها وأحكامها ... ». ويسميه «المورد الصافي والظل الضافي» (طريق الهجرتين ص 124) [تحقيق الإصلاحي]، و «قرة عيون المحبين وروضة قلوب العارفين» (مدارج السالكين 1/ 92)، فهل هما كتابان أو كتاب واحد؟ الظاهر أنهما عنوانان لكتاب واحد، وعلى كلّ حال فالكتاب الكبير في المحبة غير «روضة المحبين»، فإنه لم يفصّل فيه مثل هذا التفصيل في موضوع محبة العبد للرب والرب للعبد. وظنَّ بعضهم أن «روضة المحبين» هو الكتاب الكبير (1) وهو بعيد.
صغيرٍ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آذنْ من حولك» فكانت تلك وليمةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صفية، ثم خرجنا إلى المدينة، فرأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّي لها وراءه بعباءةِ، ثم يجلس عند بعيره فيضعُ ركبته، فتضعُ صفيةُ رجلها عند ركبته حتى تركب.
وعند أبي داود (1) في هذه القصَّة قال: وقع في سهم دِحية جاريةٌ جميلةٌ، فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أرْؤُس، ثمَّ دفعها إلى أُم سُليم، تُصنِّعُها، وتهيئُها، وتعتدُّ في بيتها، وهي صفية بنتُ حُيَيٍّ.
وقال أبو عبيدة (2): حجَّ عبد الملك بنُ مروان ومعه خالد بن يزيد بن معاوية، وكان خالد هذا من رجال قريش المعدودين، وكان عظيم القدر عند عبد الملك، فبينا هو يطوفُ بالبيت، إذ بَصُرَ برملة بنت الزُّبير بن العوام، فعشقها عشقًا شديدًا، ووقعت بقلبه وقوعًا متمكِّنًا، فلما أراد عبد الملك القُفُول؛ همَّ خالدٌ بالتخلُّف عنه، فوقع بقلب عبد الملك تهمة، فبعث إليه، فسأله عن أمره، فقال: يا أمير المؤمنين! رملةُ بنت الزُّبير، رأيتها تطوفُ بالبيت، فأذهلت عقلي، والله ما أبديتُ إليك ما بي حتى عِيلَ صبري، ولقد عرضتُ النوم على عيني، فلم تقبله، والسُّلُوَّ على قلبي، فامتنع منه. فأطال عبد الملك التَّعجُّبَ من ذلك، وقال: ما