
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
جميع القضايا التي تناولها بالبحث. وقد وضع بعض الأبواب للفصل بين رأيين متعارضين في قضية معينة، فمثلًا بعد ما تحدث عمن مدح العشق ورغَّب فيه وعمن ذمَّه وتبرم به، وذكر احتجاج الفريقين في البابين (14، 15)، عقد الباب (16) في الحكم بين الفريقين وفصل النزاع بين الطائفتين، وقال: «العشق لا يُحمَد مطلقًا ولا يُذم مطلقًا، وإنما يُحمَد ويُذَمُّ باعتبار متعلَّقه، فإن الإرادة تابعة لمرادها ... » ثم فصَّل في بيان ذلك.
وعندما ذكر في الباب (8) الشبه التي احتج بها من أباح النظر إلى من لا يحل الاستمتاع به وأباح عشقه، عقد الباب (9) للجواب عما احتجت به هذه الطائفة، وما لها وما عليها في هذا الاحتجاج، وقال: إن شُبههم التي ذكروها دائرةٌ بين ثلاثة أقسام: أحدها: نقولٌ صحيحة لا حجة لهم فيها، والثاني: نقولٌ كاذبة عمن نُسِبت إليه من وضع الفسَّاق والفجَّار، والثالث: نقولٌ مجملة محتملة لخلاف ما ذهبوا إليه. ثم توسَّع في بيان ذلك، وفي هذا الباب نفى عن شيخه شيخ الإسلام فتوى في العشق، وقال: إنها كذبٌ عليه لا تُناسِب كلامَه بوجه. وأجاب عن كل الحجج التي احتجوا بها في إباحتهم لذلك الوصال، فكان الواضح من رأيه أنه يمنع من ذلك ولا يجيزه. ولكنه في الباب (25) في رحمة المحبين والشفاعة لهم إلى أحبابهم في الوصال الذي يُبيحه الدين، ذكر ما يفهم منه جواز التداوي بمثل ذلك الوصال إن تحقق الشفاء به، وأورد أخبارًا في الشفاعة للعشاق فيما يجوز من الوصال والتَّلاقي.
صغيرٍ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آذنْ من حولك» فكانت تلك وليمةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صفية، ثم خرجنا إلى المدينة، فرأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّي لها وراءه بعباءةِ، ثم يجلس عند بعيره فيضعُ ركبته، فتضعُ صفيةُ رجلها عند ركبته حتى تركب.
وعند أبي داود (1) في هذه القصَّة قال: وقع في سهم دِحية جاريةٌ جميلةٌ، فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أرْؤُس، ثمَّ دفعها إلى أُم سُليم، تُصنِّعُها، وتهيئُها، وتعتدُّ في بيتها، وهي صفية بنتُ حُيَيٍّ.
وقال أبو عبيدة (2): حجَّ عبد الملك بنُ مروان ومعه خالد بن يزيد بن معاوية، وكان خالد هذا من رجال قريش المعدودين، وكان عظيم القدر عند عبد الملك، فبينا هو يطوفُ بالبيت، إذ بَصُرَ برملة بنت الزُّبير بن العوام، فعشقها عشقًا شديدًا، ووقعت بقلبه وقوعًا متمكِّنًا، فلما أراد عبد الملك القُفُول؛ همَّ خالدٌ بالتخلُّف عنه، فوقع بقلب عبد الملك تهمة، فبعث إليه، فسأله عن أمره، فقال: يا أمير المؤمنين! رملةُ بنت الزُّبير، رأيتها تطوفُ بالبيت، فأذهلت عقلي، والله ما أبديتُ إليك ما بي حتى عِيلَ صبري، ولقد عرضتُ النوم على عيني، فلم تقبله، والسُّلُوَّ على قلبي، فامتنع منه. فأطال عبد الملك التَّعجُّبَ من ذلك، وقال: ما