
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
1 - من أقدم ما وصل إلينا من هذه الكتب: كتاب «الزهرة» لمحمد بن داود الظاهري (ت 296)، والقسم الأول منه خاص بالحب ومظاهره وآثاره وأحكامه وأحواله وتصاريفه، وقد قسمه المؤلف إلى خمسين بابًا، وعنون كل باب بعنوان مسجوع، وأورد تحته مختارات من الأشعار والأخبار. وشهرة هذا الكتاب ترجع إلى أنه لفقيه ظاهري وإمام ابن إمام، يرسم للحبّ صورة وجدانية راقية، ويعتبر رائدًا في هذا الميدان، وقصته في هذا الباب مشهورة.
2 - كتاب «الموشى» لأبي الطيب الوشاء (ت 325) الذي يشكّل الحب عنده أحد أركان الظرف، وللتعبير عن ذلك سلك المؤلف سبيل رواية القصص والمأثورات والآراء الشخصية المبنية على تجارب خاصة، حتى أصبحت المادة التي جمعها في هذا المجال تشكل القسم الهام من عمله، وكلها يدور حول الحب العفيف ونقض كل ما هو مخالف له.
3 - أما كتاب «اعتلال القلوب» للخرائطي (ت 327) فيعتبر من أمهات الكتب في هذا الموضوع، وتأليفه على طريقة المحدِّثين بذكر الأسانيد لجميع الأخبار. وقد أكَّد المؤلف على ضرورة التمسك بالعفاف، كما يدل على ذلك عناوين كثير من أبوابه، واختار من الآيات والأحاديث وسير الصحابة والتابعين وقصص المحبين وأشعارهم ما يُرشِد القراء إلى هذا الهدف، وفيه أخبار طريفة عن المحبين انتقاها مؤلفه بدقة.
صغيرٍ، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «آذنْ من حولك» فكانت تلك وليمةَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على صفية، ثم خرجنا إلى المدينة، فرأيتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُحَوِّي لها وراءه بعباءةِ، ثم يجلس عند بعيره فيضعُ ركبته، فتضعُ صفيةُ رجلها عند ركبته حتى تركب.
وعند أبي داود (1) في هذه القصَّة قال: وقع في سهم دِحية جاريةٌ جميلةٌ، فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أرْؤُس، ثمَّ دفعها إلى أُم سُليم، تُصنِّعُها، وتهيئُها، وتعتدُّ في بيتها، وهي صفية بنتُ حُيَيٍّ.
وقال أبو عبيدة (2): حجَّ عبد الملك بنُ مروان ومعه خالد بن يزيد بن معاوية، وكان خالد هذا من رجال قريش المعدودين، وكان عظيم القدر عند عبد الملك، فبينا هو يطوفُ بالبيت، إذ بَصُرَ برملة بنت الزُّبير بن العوام، فعشقها عشقًا شديدًا، ووقعت بقلبه وقوعًا متمكِّنًا، فلما أراد عبد الملك القُفُول؛ همَّ خالدٌ بالتخلُّف عنه، فوقع بقلب عبد الملك تهمة، فبعث إليه، فسأله عن أمره، فقال: يا أمير المؤمنين! رملةُ بنت الزُّبير، رأيتها تطوفُ بالبيت، فأذهلت عقلي، والله ما أبديتُ إليك ما بي حتى عِيلَ صبري، ولقد عرضتُ النوم على عيني، فلم تقبله، والسُّلُوَّ على قلبي، فامتنع منه. فأطال عبد الملك التَّعجُّبَ من ذلك، وقال: ما