روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

7580 9

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

العاشر: ألَّا يختار لنفسه أن يكون الحيوان البهيمُ أحسن حالًا منه، فإنَّ الحيوان يميِّز بطبعه بين مواقع ما يضرُّه وما ينفعه، فيؤثر النافع على الضارِّ، والإنسان أُعطي العقل لهذا المعنى، فإذا لم يميِّز به بين ما يضرُّه وما ينفعه، أو عرف ذلك، وآثر ما يضرُّه؛ كان حال الحيوان البهيم أحسنَ منه، ويدُلُّ على ذلك: أنَّ البهيمة تصيب من لذة المطعم، والمشرب، والمنكح ما لا يناله الإنسان مع عيش هنيءٍ خالٍ عن الفكر، والهَمِّ، ولهذا تُساق إلى منحرها، وهي منهمكةٌ على شهواتها؛ لفقدان العلم بالعواقب، والآدمي لا يناله ما يناله الحيوان لقوَّة الفكر الشَّاغل، وضعف الآلة المستعملة، وغير ذلك، فلو كان نيل المشتهى فضيلةً؛ لما بُخِسَ منه حقُّ الآدمي الَّذي هو خلاصة العالم، ووفرَ منه حظُّ البهائم، وفي توفير حظِّ الآدميِّ من العقل، والعلم، والمعرفة عوضٌ عن ذلك.
الحادي عشر: أن يسير بفكره في عواقب الهوى، فيتأمَّل كم أفاتت طاعته من فضيلة، وكم أوقعت في رذيلة، وكم أكلةٍ منعت أكلات، وكم من لذَّة فوَّتت لذَّات، وكم من شهوةٍ كسرت جاهًا، ونكَّست رأسًا، وقبَّحت ذكرًا، وأورثت ذمًّا، وأعقبت ذلًّا، وألزمت عارًا لا يغسله الماء، غير أنَّ عين صاحب الهوى عمياء.
الثاني عشر: أن يتصوَّر العاقلُ انقضاء غرضه ممَّن يهواه، ثمَّ يتصوَّر حالَه بعد انقضاء الوطر، وما فاته، وما حصل له (1).

الصفحة

633/ 649

مرحباً بك !
مرحبا بك !