روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

3547 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

فالنَّفس تجنح نحو الظلم جاهلةً ... والقلبُ منِّي سليمٌ ما يواتيها والله لو قيل لي تأتي بفاحشةٍ ... وإن عُقباك دنيانا وما فيها لقلت لا والَّذي أخشى عقوبته ... ولا بأضعافها ما كنتُ آتيها لولا الحياء لبُحنا بالَّذي كتمت ... بنتُ الفؤادِ وأبدينا تمنِّيها

قال: فبهتُّ، وقلتُ: لا أدري ما أحتال في أمر هذا الرَّجل، وقلت للخادم: لا يأتيك أحدٌ بكتابٍ إلَّا قبضت عليه، حتى تدخله عليَّ، ثمَّ لم أعرف له خبرًا بعد ذلك، فبينا أنا أطوف بالكعبة؛ إذا فتًى قد أقبل نحوي، وجعل يطوف إلى جنبي، ويلاحظني، وقد صار مثل العود، فلمَّا قضيت طوافي؛ خرجت، واتَّبعني، فقال: يا هذا! أتعرفني؟ قلت: لا أنكرك لسوءٍ! قال: أنا صاحب الكتابين، فما تمالكتُ أن قبَّلت رأسه، وبين عينيه، وقلت: بأبي أنت وأمِّي! والله قد شغلت قلبي، وأطلت غمِّي بشدَّة كتمانك لأمرك! فهل لك فيما سألت وطلبت؟ قال: بارك الله لك، وأقرَّ عينك، إنَّما أتيتك أستحلُّك من نظرةٍ كنت نظرتها على غير حكم الكتاب والسنَّة، والهوى داعٍ إلى كلِّ بلاء، [174 أ] وأستغفر الله العظيم! فقلت: يا حبيبي! أحب أن تصير معي إلى منزلي، فآنس بك، وتجري الحرمة بيني وبينك، قال: ليس إلى ذلك سبيل! فقلت: غفر الله لك ذنبك، وقد وهبتُها لك، ومعها مائة دينار، ولك في كلِّ سنة كذا وكذا! قال: بارك الله لك فيها، فلولا عهودٌ عاهدت الله عليها، وأشياء أكدتُها عليَّ؛ لم يكن في الدنيا شيءٌ أحبُّ إليَّ من هذا الَّذي تعرضه عليَّ، ولكن ليس إلى

الصفحة

613/ 649

مرحبًا بك !
مرحبا بك !