روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

3455 4

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

فإن قيل: لكن قوله: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف/52] الأحسنُ أن يكون من كلام يوسف، أي: إنما كان تأخري عن الحضور مع رسوله؛ [121 ب] ليعلم الملكُ: أنِّي لم أَخنه في امرأته في حال غيبته، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين، ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - قال: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ} [يوسف/53]. وهذا من تمام معرفته - صلى الله عليه وسلم - بربه، ونفسه، فإنه لما أظهر براءته ونزاهته مما قُذِف به؛ أخبر عن حال نفسه، وأنه لا يزكيها، ولا يبرئها، فإنها أمارةٌ بالسوء، لكن رحمةُ ربه، وفضله هو الذي عصمه، فردَّ الأمر إلى الله بعد أن أظهر براءته.
قيل: هذا وإن كان قد قاله طائفةٌ؛ فالصوابُ: أنه من تمام كلامها، فإن الضمائر كلها في نسق واحد تدلُّ عليه، وهي قول النسوة: {مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ} [يوسف/51] وقول امرأة العزيز: {أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} [يوسف/51].
فهذه خمسةُ ضمائر بين بارزٍ ومستتر، ثم اتَّصل بها قوله: {ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يوسف/52] فهذا هو المذكور أوَّلًا بعينه، فلأيّ شيء يفصل الكلام عن نظمه ويُضْمرُ فيه قولٌ لا دليل عليه؟ فإن قيل: فما معنى قولها: {لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ} [يوسف/52]؟ قيل: هذا من تمام الاعتذار، قرنت الاعتذار بالاعتراف، فقالت:

الصفحة

445/ 649

مرحبًا بك !
مرحبا بك !