روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

7583 9

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

تُقارَّه على كونها معه، ووجد بها إبراهيم وجدًا شديدًا، فنقلها إلى مكة، فكان يزورها كلَّ يومٍ من الشام على البُراق من شغفه بها، وقلَّة صبره عنها.
وفي الصحيح (1) من حديث حميد، عن أنس قال: أهدى بعضُ نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - له قصعة فيها ثَرِيدٌ، وهو في بيت بعض نسائه، فضربت يد الخادم، فانكسرت القصعة، فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يأخذ الثَّريد ويردُّه في القصعة، ويقول: «كلوا، غارت أُمُّكم»، ثم انتظر حتى جاءت قصعةٌ صحيحة، فأعطاها التي كُسرتْ قصعتُها.
وقالت عائشة: ما غِرتُ على امرأةٍ قطُّ ما غرتُ على خديجة من كثرة ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - إيَّاها، ولقد ذكرها يومًا، فقلت: ما تصنع بعجوز حمراء الشِّدْقَيْن، وقد أبدلك الله خيرًا منها؟ فقال: «والله ما أبدَلني الله خيرًا منها!» (2).
فانظر هذه الغيرة الشَّديدة على امرأةٍ بعدما ماتت، وذلك لفرط محبَّتها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانت تغار عليه أن يذكر غيرها، وكذلك غيرتُها من صفيَّة فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمَّا قدم بها المدينة، وقد اتَّخذها لنفسه زوجةً، وعرَّس بها في الطريق، قالت عائشة: تنكرتُ، وخرجتُ أنظرُ،

الصفحة

417/ 649

مرحباً بك !
مرحبا بك !