روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

5020 8

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

ولو كان المخلوقُ من كان.
ولهذا من أشرك بين الله وبين غيره في هذه المحبة الخاصة؛ كان مشركًا شركًا لا يَغفِرهُ الله، كما قال الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ} [البقرة/ 165] والصحيح أن معنى الآية: أنّ الذين آمنوا أشدُّ حبًّا لله من أهل الأنداد لأندادهم، كما تقدَّم بيانه: أنَّ محبَّة المؤمنين لربهم لا يُماثلها محبَّةُ مخلوقٍ أصلًا، كما لا يماثل محبوبهم غيره، وكلُّ أذًى في محبة غيره؛ فهو نعيمٌ في محبته، وكلُّ مكروه في محبة غيره؛ فهو قُرّة عين في محبته.
ومَنْ ضرب لمحبته الأمثال التي هي في محبة المخلوق للمخلوق، كالوصل، والهجر، والتَّجَنِّي بلا سبب من المحب، وأمثال ذلك ممَّا يتعالى الله عنه عُلوًّا كبيرًا؛ فهو مخطئٌ أقبح الخطأ وأفحشه، وهو حقيقٌ بالإبعاد والمقت. والآفة إنَّما هي من نفسه، وقلَّة أدبه مع محبوبه، والله تعالى نهى أن يَضْرب عبادُه له الأمثال، فهو لا يُقاس بخلقه.
وما ابتدع من ابتدع إلا من ضَرْبِ الأمثالِ له سبحانه، فأصحابُ الكلام المُحدث المبتدع ضربوا له الأمثال الباطلة في الخبر عنه وما يُوصف به، وأصحابُ الإرادة المنحرفة ضربُوا له الأمثال في الإرادة والطلب، وكلاهما على بِدْعَةٍ وخطأ.
والعشقُ إذا تعلَّق بما يحبُّه الله ورسوله، [76 أ] كان عشقًا ممدوحًا

الصفحة

296/ 649

مرحبًا بك !
مرحبا بك !