روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

7557 9

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

وفسَّره الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى أيضًا بالغضب.
وممَّا يدُلُّ على صحَّة ذلك قولُهُ تعالى: {وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجَالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ} [يونس/11] قال السَّلف في تفسيرها: [58 أ] هو الرَّجل يدعو على نفسه وأهله في وقت الغضب من غير إرادةٍ منه لذلك، فلو استجابَ الله دعاءَه؛ لأهلَكه، وأهلك من دعا عليه، ولكن لرحمته لما علم أنَّ الحاملَ له على ذلك سُكْرُ الغضب، لا يُجيب دعاءَه.
ومن هذا قولُ الواجد لراحلته بعد يأْسه منها، وإيقانه بالهلاك: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «أَخْطَأَ مِنْ شِدَّةِ الفرحِ» (1) ولم يكن بذلك كافرًا؛ لعدم قصْدِه.
وذكر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - ذلك تحقيقًا لشدَّة الفرح؛ الذي أفضى به إلى ذلك. وإنَّما كانت هذه الأشياء قد تُوجب السكر؛ لأن السُّكر سببُه يُوجب اللذَّة القاهرة؛ التي تغمرُ العقل، وسببُ اللذَّة إدراكُ المحبوب، فإذا كانت المحبَّةُ قويَّةً، وإدراكُ المحبوب قويًّا، والعقلُ ضعيفًا؛ حدث السُّكر، لكن ضعف العقل يكون تارةً من ضعف المحبِّ، وتارةً من قوَّة السَّبب الوارد، ولهذا يَحْصُل من السُّكْر للمبتدئين في إدراك الرئاسة والمال والعشق والخمر ما لا يحصُل لمن اعتادَ ذلك، وتمكَّن فيه.

الصفحة

231/ 649

مرحباً بك !
مرحبا بك !