روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

7559 9

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

الذهب، فصبَّه في حِجْره، ومضى، فاشتدَّ فرحُه به، فلم يحمل ما ورد عليه من الفرح، فقضى مكانه، فعاد الأمير من شأنه، فوجد الرجل ميِّتًا، والصَّبيُّ يبكي عند رأسه، فقال: منْ قتله؟ فقال: مرَّ بنا رجلٌ ــ لا جزاه الله خيرًا ــ فصبَّ في حِجْر أبي شيئًا، فقتله مكانه، فقال الأمير: صدقَ، نحنُ قتلناه! أتاه الغنى وهلةً واحدة، فعجز عن احتماله، فقتله، ولو أعطينْاه ذلك بالتدريج لم يقتلْه، فحرص على الصَّبي أن يأخذ الذهب فأبى، وقال: والله لا أُمسك شيئًا قتل أبي! والمقصودُ أنَّ السُّكْرَ يُوجب اللَّذة، ويمنعُ العلم، فمنه السُّكْرُ بالأطعمة [57 ب] والأشربة، فإنَّ صاحبَها يحصل له لذَّةٌ وسرورٌ بها، يحملُه على تناوُلها، لأنها تغيِّب عنه عقله، فتغيِّب عنه الهموم والغموم، والأحزان تلك الساعة، ولكن يغْلَطُ في ذلك، فإنَّها لا تزولُ، ولكن تتوارى، فإذا صحا عادت أعظم ما كانت وأوفرَه، فيدعُوه عَوْدُها إلى العَوْد، كما قال الشاعر (1): وكأْسٍ شربتُ على لذَّةٍ ... وأُخرى تَداوَيتُ مِنْها بِها

ومن النَّاس من يقصدُ بها منفعة البدن، وهو غالطٌ، فإنَّه يترتب عليها من المضرَّة المتولِّدة عن السُّكْر ما هو أعظمُ من تلك المنفعة بكثير، واللَّذَّة الحاصلةُ بذكر الله والصَّلاة عاجلًا وآجلًا أعظمُ، وأبقى، وأدفع

الصفحة

229/ 649

مرحباً بك !
مرحبا بك !