روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

4989 8

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

الخنزير، وتناوُلُها في هذا الحال واجبٌ عليه. قال مسروق والإمام أحمد رحمهما الله تعالى: من اضْطُرَّ إلى أكل الميتة، فلم يأكلْ، فماتَ؛ دخل النَّار، فغايةُ النَّظرة، والقُبْلة، والضَّمة أن تكون محرَّمةً، فإذا اضْطُرَّ العاشق إليها، فإن لم تكن واجبةً، فلا أقلَّ من أن تكون مباحةً، فهذا قياسٌ واعتبارٌ صحيح، وأين مفسدةُ موتِ العاشق إلى مفسدة ضمِّه، ولثمه؟ فالجواب: أنَّ هذا يتبين بذكر قاعدة، وهي: أنَّ الله ـ سبحانه وتعالى ـ لم يجعل في العبد اضطرارًا إلى الجماع، بحيث إن لم يفعلْه؛ مات، بخلاف اضطراره إلى الأكل، والشرب، واللباس، فإنَّه من قِوام البدن؛ الذي إن لم يباشره؛ هلك.
ولهذا لم يُبحْ من الوَطْءِ الحرام ما أباح من تناوُل الغذاء والشراب المحرَّم، فإنَّ هذا من قبيل الشهوة واللَّذة؛ التي هي تتمةٌ وفَضْلَة، ولهذا يمكن الإنسانَ أن يعيش طول عمره بغير تزوُّج، وغير تَسَرٍّ، ولا يمكنه أن يعيش بغير طعام ولا شرابٍ، ولهذا أمر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الشباب أن يداووا هذه الشَّهوة بالصَّوم (1)، وقال تعالى عن عشَّاق المُرْدان: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ} [الأعراف/81].
فأخبر أنَّ الحامل على ذلك مجرَّدُ الشهوة، لا الحاجةُ، فضلًا عن

الصفحة

205/ 649

مرحبًا بك !
مرحبا بك !