روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

7466 9

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

حبُّ الله، وحبُّ ذكرِه، وكلامِهِ، وأسمائِهِ، وصفاته، وأقبلتَ على غيره، وأعرضت عنه، وتعوَّضت بحبِّ مَنْ سواه والرغبة فيه منه.
هذا وقد سمعتَ ما قصَّ عليك من إنكاره سبحانه على بني إسرائيل استبدالَهم طعامًا بطعام أدنى منه، فذمَّهم على ذلك، ونعاه عليهم، وقال: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ} [البقرة/61] فكيف بمن استبدلَ بمحبة خالقه، وفاطره، ووليِّه ومالكِ أمره؛ الذي لا صلاحَ له، ولا فلاحَ، ولا نعيم، ولا سرور، ولا فرحة، ولا نجاة إلا بأن يوحِّدَه في الحبِّ، ويكونَ أحبَّ إليه ممَّا سواه، فانظر بالله بِمَن استبدلتَ؟ وبمحبَّة من تعوَّضت؟ رضيت لنفسك بالحَبْس في الحشِّ، وقلوبُ مُحبِّيه تجولُ حولَ العرش. فلو أقبلتَ عليه، وأعرضت عمَّا سواه؛ لرأيتَ العجائب، ولأمِنْتَ من المتالفِ والمعاطب، أوَ ما علمتَ أنَّه خصَّ بالفوز والنعيم من أتاه بقلبٍ سليم، أي سليم مما سواه، ليس فيه غير حبّه واتباع رضاه. قالت: وبين ذنبي وذنبك عند الناس كما بين عَمَايَ وعَمَاكَ في القياس. وقد قال مَنْ بيده أزِمَّةُ الأمور: {فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج/46].
فصل فلمَّا سمعت الكبدُ تحاوُرَهما الكلام، وتناوُلَهما الخِصامَ؛ قالت: أنتما على هلاكي تَسَاعَدْتُما، وعلى قتلي تعاونتما. ولقد أنصفَ مَنْ

الصفحة

171/ 649

مرحباً بك !
مرحبا بك !