روضة المحبين ونزهة المشتاقين

روضة المحبين ونزهة المشتاقين

3999 8

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (23)]
حققه: محمد عزير شمس
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير- محمد أجمل الإصلاحي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 649
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

مشاركة

فهرس الموضوعات

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
وبعد، فهذا كتاب «روضة المحبين ونزهة المشتاقين» للإمام ابن قيم الجوزية، نقدِّمه إلى القراء في طبعة جديدة بالاعتماد على أقدم نسخة خطية وصلت إلينا منه، وتصحيح كثير من الأخطاء الواردة في طبعاته المختلفة. وقد بذلنا جهدًا كبيرًا في مراجعة النصوص والأخبار والأشعار الواردة فيه، وتخريجها من المصادر التي نقل عنها المؤلف، وضبط الشعر وإصلاح الخلل الواقع فيه، وتقويم النصّ في ضوء ما توفَّر لدينا من المراجع.
وهذا الكتاب ـ كما سيأتي ـ أفضل الكتب التي ألِّفت في موضوع الحبِّ، أورد فيه المؤلف من الفوائد العلمية والتنبيهات والنكت والمناقشات ما لا نجده في كتاب آخر في هذا الباب، وانتقى فيه الأخبار والأشعار، ونزّهه عن الفحش والمجون وما يُخِلّ بالآداب الإسلامية، وإذا ورد شيء من ذلك فهو نادر.
وهذه فصول أقدِّمها بين يدي الكتاب ليكون القراء على دراية بالكتاب ومنهج مؤلفه، أتحدث فيها عما يخصّ الكتاب من نواحٍ مختلفة.

الصفحة

5/ 35

إنَّ التي زَعمت فؤادك ملَّها ... خُلِقَتْ هواكَ كما خُلِقْتَ هوىً لها [31 أ] فبك الذي زعمتْ بها فكلاكُما ... أبدى لصاحبِه الصَّبابةَ كلَّها فإذا تشاكلت النفوس وتمازجت الأرواح وتفاعلت؛ تفاعلت عنها الأبدان، وطلبت نظير الامتزاج والجوار الذي بين الأرواح، فإن البدن آلة الرُّوح ومَركَبُه، وبهذا ركَّب الله سبحانه شهوة الجماع بين الذكر والأنثى طلبًا للامتزاج والاختلاط بين البدنين، كما هو بين الرُّوحين، ولهذا يُسمَّى جماعًا وخِلاطًا ونكاحًا وإفضاء؛ لأن كلَّ واحدٍ منهما يُفضي إلى صاحبه، فيزول الفضاءُ بينهما.
فإن قيل: فهذا يُوجِب تأكُّد الحبِّ بالجماع وقوّتَه به، والواقعُ خلافه، فإنَّ الجماع يُطْفِئ نارَ المحبَّة، ويُبَرِّد حرارتَها، ويُسكِّن نفس المحبِّ.
قيل: الناس مختلفون في هذا، فمنهم من يكون بعد الجماع أقوى محبَّةً، وأمكنَ وأثبت ممَّا قبله، ويكون بمنزلة من وُصف له شيء ملائمٌ، فأحبَّه، فلمَّا ذاقه كان له أشدَّ محبَّة، وإليه أشدَّ اشتياقًا.
وقد ثبت في الصحيح (1) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث عروج الملائكة

الصفحة

124/ 649

مرحبًا بك !
مرحبا بك !