
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
يقاتل فيه المحاربون، وآية تحريم القتال فيه إنما نزلت بسبب ابن الحضرمي قبلُ (1)، ولم يكونوا معاهدين، وإنما عاهدهم بعد بدر بأربع سنين.
وأيضًا: فإنه استثنى من الذين تبرَّأ إليهم مَن عاهده عند المسجد الحرام، وأولئك لا يباح قتالهم لا في الشهر الحرام ولا غيره، فكيف يكون الذي أباحه إنما هو القتال في الشهر الحرام؟
وأيضًا: فالأشهر الحرم في قوله: {فَإِذَا اَنسَلَخَ اَلْأَشْهُرُ اُلْحُرُمُ} [التوبة: 5] إن كانت الثلاثة ورجبَ (2) فهذا يدل على بقاء التحريم فيها، فبطل هذا القول. وإن كانت الأربعة التي أوَّلُها يومُ الحج الأكبر عامَ حَجَّ أبو بكر - رضي الله عنه - وآخرها ربيعٌ، فقد حَرُم فيها قتال من ليس له عهدٌ، وأباح قتالهم إذا انقضت، فلو كان إنَّما أباح قِتال مَن كان يُباح قِتالُه في الأشهر الحرم ولا عهدَ له، فهذا محاربٌ محضٌ لا حاجةَ إلى تأجيله أربعة أشهر، فإنَّ قِتالَه كان مباحًا عند هؤلاء في غير الأربعة.
وأيضًا: فعلى هذا التقدير إنَّما أباح الله قتل من نبذ إليه العهد إذا انقضت هذه الأربعة، كما قال: {فَإِذَا اَنسَلَخَ اَلْأَشْهُرُ اُلْحُرُمُ فَاَقْتُلُوا اُلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5]. فلو كان قتال هؤلاء الذين نبذ إليهم العهود مباحًا في