
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قلنا: الجواب من وجوهٍ:
أحدها: أن كعبًا كان له عهدٌ من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمان، وقد ذكرنا الرواية الخاصة أن كعب بن الأشرف كان معاهدًا للنبي - صلى الله عليه وسلم - (1)، ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعله ناقضًا للعهد بهجائه وأذاه بلسانه.
الثاني: أنَّا قد قدمنا في حديث جابرٍ أن أول ما نقض به العهدَ قصيدتُه التي أنشأها يهجو بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما هجاه بهذه القصيدة ندب إلى قتله.
الثالث: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لليهود لما جاؤوا إليه في شأن قتله: «إنه نال منا الأذى وهجانا بالشعر، ولم يفعل هذا أحدٌ منكم إلا كان السيفُ» (2). وهذا نصٌّ في أن من فعل هذا فقد استحق السيف.
الرابع: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يندب إلى قتله لكونه ذهب إلى مكة وفعل ما فعل هناك، وإنما ندب إلى قتله لما قدم وهجاه، كما جاء ذلك مفسَّرًا في حديث جابرٍ المتقدم في قوله: «ثم قدم المدينة معلنًا بعداوة النبي - صلى الله عليه وسلم -». ثم بين أن أول ما قطع به العهد تلك الأبيات التي قالها بعد الرجوع، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينئذ ندب إلى قتله.
وكذلك في حديث موسى بن عقبة: «من لنا من ابن الأشرف؟ فقد