
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وهذه المخالفة من المعاهد قد تُبطل العهد بالكلية حتى تجعله حربيًّا، وقد تُشعِّث العهد حتى تبيح عقوبتهم، كما أنَّ فَقْدَ بعض الشروط في البيع والنكاح وغيرهما قد يُبطِله بالكلية، وقد يبيح الفسخ والإمساك.
وأمَّا مَن قال: ينتقض العهد بجميع المخالفات، فظاهرٌ على قوله (1).
قال القاضي في «التعليق»: واحتَجَّ المخالف (2) بأنَّهم لو أظهروا مُنكرًا في دار الإسلام، مثل إحداث البيع والكنائس في دار الإسلام، ورفعِ الأصوات بكتبهم، والضربِ بالنواقيس، وإطالةِ البناء على أبنية المسلمين، وإظهارِ الخمر والخنزير، وكذلك ما أُخِذ عليهم تركُه من التشبُّه بالمسلمين في ملبوسهم ومركوبهم وشعورهم وكُنَاهم [= لم ينتقض عهدهم] (3).
قال: والجواب أنَّ مِن أصحابنا مَن جعله ناقضًا للعهد بهذه الأشياء، وهو ظاهر كلام الخِرَقي، فإنَّه قال (4): ومن نقض العهد بمخالفة شيء ممَّا صولحوا عليه عاد حربيًّا؛ فعلى هذا لا نسِّلم. وإنَّ سلَّمناه فالمعنى (5) فيها أنَّه لا ضرر على المسلمين فيها، وإنَّما نُهُوا عن فعلِها لِما في إظهارها من المنكر،