
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وأهل الذمة ليسوا عدوًّا محاربًا، وقتيلهم مضمونٌ، فإذا ورث المسلم منهم كان هذا موافقًا للأصول، وقوله: «الكافر» أريد به الكافر المطلق، وهو المعادي المحارب، لم يدخل فيه المنافق، ولا المرتد، ولا الذمي. فإذا كان المؤمن يرث المنافق لكونه مسالمًا له مناصرًا له في الظاهر، فكذلك الذمي، وبعض المنافقين شرٌّ من بعض أهل الذمة.
وقد ذهب بعضهم إلى أنه يرث المسلمُ الكافر بالموالاة، وهو أحد القولين في مذهب أحمد، نصَّ عليه في رواية الجماعة: حنبل، وأبي طالب، والمروذي، والفضل بن زيادٍ؛ في المسلم يُعتق العبدَ النصراني، ثم يموت العتيق: يرثه بالولاء (1)، واحتجَّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الولاء لمن أعتق» (2).
قال المانعون من التوريث: له عليه الولاء، ولكن لا يرث به.
قال المورِّثون: ثبوت الولاء يقتضي ثبوت حكمه، والميراث من حكمه.
وقال عبد الله بن وهبٍ: حدثنا محمد بن عمرٍو، عن ابن جريجٍ، عن أبي الزبير، عن جابرٍ - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يرث المسلمُ النصرانيَّ إلا أن يكون عبدَه أو أمتَه» (3).