
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
فصل
وكذلك قولهم: (ولا بفرق شعر).
الأصل في هذا الباب ما ثبت في «الصحيح» (1) من حديث الزهري (2)، عن عبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان أهل الكتاب يَسدُلون أشعارهم، وكان المشركون يَفرِقون رؤوسهم. قال: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعجِبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يُؤمَر به، فسَدَل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ناصيتَه، ثم أُمِر بالفَرق، فكان الفرق آخر الأمرين.
والسدل في اللغة الإرسال، ومعناه في الشعر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يُرسِل شعره، وكان أولًا يعجبه موافقةُ أهل الكتاب فيما لم يُؤمَر فيه لمصلحة التأليف وغيرها، فكان يُحِب أن يفرق شعره، فأمسك عنه حتى يأتيه الأمر من الله فجاءه الأمر بالفرق فصار هو السُّنَّة.
والفرق هو أن يقسم شعر الرأس نصفين بالسوية، ويجعل ذؤابتين على زيِّ الأشراف الذي لم يزل عليه العَلَويُّون والعبَّاسيُّون. وهذا آخر الأمرين من فعله - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي استقرَّت عليه السنَّة، فلا يمكَّن منه أهل الذمة، بل يُؤمَرون بأن يُرسلوا شعورهم ويسدلونها، ويجمعون شعورهم حتى تكون كالكبَّة (3) من