أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
ثم روى من طريق أبي داود (1) عن الشعبي، عن علقمة، عن ابن مسعودٍ - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الوائدة والموءودة في النار». ثم قال: هذا مختصر، وهو على ما ذكرنا أنَّه - صلى الله عليه وسلم - إنَّما عَنى بذلك التي (2) بلَغَت، لا يجوز غير هذا.
قال (3): وقد يُمكِن أن يَهِمَ فيه الشعبي، فإنَّه مرةً أرسله، ومرةً أسنده. ولا يخلو ضرورةً هذا الخبرُ من أنَّه وهمٌ أو أنَّ أصله مرسلٌ، كما رواه أبو داود (4): حدثنا إبراهيم بن موسى، أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، عن عامر الشعبي قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. أو أنَّه إن صحَّ عنه - صلى الله عليه وسلم - فإنَّما أراد به التي بلغت، لا يجوز غير ذلك.
قلت: وهذا الجواب في غاية الضعف، ولا يجوز أن ينسب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه سُئِل عن موءودة لم تبلغ الحنث، فأجاب (5) عمَّن بلغت الحنث، بل إنَّما خرج جوابُه - صلى الله عليه وسلم - لنفس ما سئل عنه. فكيف ينسب إليه أنَّه ترك الجواب عمَّا سُئِل عنه، وأجاب عمَّا لم يُسأَل عنه مُوهِمًا أنَّه المسؤول عنه، ولم يُبيِّنه للسائل؟! هذا لا يُظَنُّ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصلًا.