أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قالوا: والقرآن مملوءٌ من الأخبار بأنَّ دخول النار إنَّما يكون بالأعمال، كقوله: {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 92]، وقوله: {وَاَتَّقُوا يَوْمًا تَرْجِعُونَ فِيهِ إِلَى اَللَّهِ} الآية [البقرة: 280]، وقوله: {وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ اُلظَّالِمِينَ} [الزخرف: 76]، وقوله: {وَنَادَوْا يَامَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُم مَّاكِثُونَ (77) لَقَدْ جِّئْنَاكُم بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [الزخرف: 77 - 78]، وقوله: {وَقَالَ اَلَّذِينَ فِي اِلنّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ اَدْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِّنَ اَلْعَذَابِ (49) قَالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسْلُكُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَاَدْعُوا وَمَا دُعَاءُ اُلْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ} [غافر: 49 - 50]، وقوله تعالى: {وَهَلْ يُجَازَى إِلَّا اَلْكَفُورُ} [سبأ: 17]، وقوله: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ} [المدثر: 38]، ونظير ذلك في القرآن كثيرٌ.
وأيضًا: فالنار (1) دارُ جزاءٍ فلا يَدخُلها مَن لا ذنبَ له، وما ثَمَّ إلا دارُ الثواب أو دارُ العقاب، فإذا لم يدخلوا النار دخلوا الجنة.
قالوا: وإذا كان اللهُ يُنشِئ للجنة خلقًا آخرين يُدخِلهم إيَّاها بلا عمل، فالأطفال الذين وُلِدوا في الدُّنيا أولى بها.
قالوا: وإذا كان كلُّ مولود يُولَد على الفطرة إلى أن يغيِّر أبواه فطرتَه، فإذا مات قبل التغيير مات على الفطرة، فكان من أهل الجنة.
قالوا: وقد أخبر تعالى أنَّه خلق عباده حُنَفاء مسلمين وأنَّ الشياطين اجتالَتْهم عن دينهم، فمَن مات قبل اجتيال الشياطين مات على الحنيفيَّة،