أحكام أهل الذمة ج2

أحكام أهل الذمة ج2

4753 2

أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني

[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]

تحقيق: نبيل بن نصار السندي

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 518

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]

أجزاء الكتاب

مشاركة

فهرس الموضوعات

علم الله أنهم لو عاشوا لاختاروا الكفر وعملوا به، فهؤلاء مع آبائهم. ولا يقتضي (1) أن كلَّ واحدٍ من الذرية مع أبيه في النار، فإنَّ الكلام في هذا الجنس سؤالا وجوابًا إنَّما يدلُّ على التفصيل، فإنَّ قوله: «الله أعلم بما كانوا عاملين» يدلُّ على أنَّهم متبايِنون في التبعيَّة بحسب تبايُنهم في معلوم الله تعالى فيهم.

يبقى أن يقال: فالحديث يدلُّ على أنَّهم يُلحَقون بآبائهم من غير عمل، ولهذا فَهِمت منه عائشة - رضي الله عنها - ذلك، فقالت: بلا عمل؟ فأقرَّها عليه وقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين».

ويُجَاب عن هذا بأنَّ الحديث إنَّما دلَّ على أنَّهم يُلحَقون بهم بلا عمل في أحكام الدنيا، وهو الذي فهمَتْه عائشة - رضي الله عنها -، ولكن لا ينفي هذا أن يُلحَقوا بهم في الآخرة بأسبابٍ أُخَر كامتحانهم في عَرَصات القيامة، كما سنذكره إن شاء الله تعالى، فحينئذ يُلحَقون بآبائهم، ويكونون معهم بلا عمل عملوه في الدنيا. وأُمُّ المؤمنين - رضي الله عنها - إنَّما استشكلت لَحاقَهم بهم بلا عملٍ عملوه مع الآباء، وأجابها النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنَّ الله يعلم منهم ما هم عامِلُوه، ولم يقُلْ لها: إنَّه يُعذِّب بمجرَّد علمِه فيهم، وهذا ظاهرٌ بحمد الله.

وأمَّا حديث أبي رَجَاء العُطارِدي عن ابن عباس، ففي رفعه نظر، والناس إنما رووه موقوفًا عليه، وهو الأشبه. وابن حبان كثيرًا مَّا يرفع في كتابه ما يعلم أئمةُ الحديث أنَّه موقوف، كما رفع قول أبيِّ بن كعب: «كلُّ حرف في القرآن في القُنوت فهو الطاعة» (2). وهذا لا يُشبِه كلامَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وغايتُه أن

الصفحة

222/ 518

مرحباً بك !
مرحبا بك !