
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
قول من يقول: الحديث منسوخٌ.
وقول من يَقِف في معناه.
والصحيح من هذه الأقوال: ما دل عليه القرآن والسنَّة أنَّهم وُلِدوا حُنَفاء على فطرة الإسلام، بحيث لو تُركوا وفِطَرَهم لكانوا حُنفاء مسلمين، كما وُلِدوا أصِحَّاء كاملي الخِلقة، فلو تُركوا وخَلقهم لم يكن فيهم مجدوع ولا مشقوق الأذن. ولهذا لم يذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - لذلك شرطًا مقتضيًا غير الفطرة، وجعل خلاف مقتضاها من فعل الأبوين.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه عز وجل: «إني خلقتُ عبادي حنفاء، وإنَّهم أتتهم الشياطينُ فاجتالتهم عن دينهم» (1)، فأخبر أنَّ تغيير الحنيفية التي خُلِقوا عليها بأمرٍ طارئ من جهة الشيطان. ولو كان الكفار منهم مفطورين على الكفر لقال: خلقتُ عبادي مشركين، فأتتهم الرسل فاقتطعتهم عن ذلك! كيف وقد قال: «خلقتُ عبادي حنفاء كلَّهم»؟! فهذا القول أصح الأقوال، والله أعلم.
* * * *