
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
بَشَرًا سَوِيًّا (16) قَالَتْ إِنِّيَ أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا (17) قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِاَهَبَ (1) لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا} [مريم: 17 - 19].
وهذا صريحٌ في إبطال قول من قال: إنَّ هذه الروح التي خاطبها هي روح المسيح (2)، فإنَّ روح المسيح إنَّما حدثَتْ من تلك النفخة التي نفخها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها، وكيف يقول المسيح لأمِّه: {أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ (3) لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا}؟ وكيف يكون قوله: {فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا} [الأنبياء: 90] أي: مِن روح ولدها، فتكون روح المسيح هي النافخةَ لنفسها في بطن أمه؟! وهذا قول تَكثُر الدلائل على بطلانه، وإنَّما أشرنا إلى ذلك إشارةً.
فصل
وقالت طائفةٌ أخرى (4): لم يُرِد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذكر الفطرة هاهنا كفرًا ولا إيمانًا، ولا معرفة ولا إنكارًا. وإنَّما أراد أنَّ كلَّ مولود يُولَد على السلامة