
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
واحتَجَّ بقوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ} الآية [الأعراف: 172]. قال إسحاق: أجمع أهل العلم أنَّها الأرواح قبل الأجساد، استنطقهم وأشهدهم على أنفسهم: ألست بربكم، قالوا: بلى، فقال: انظروا أن لا (1) تقولوا: إنَّا كنَّا عن هذا غافلين، أو تقولوا: إنما أشرك آباؤنا من قبل.
وذكر (2) حديث أُبَيِّ بن كعب في قصة الغلام الذي قتله الخضر (3). قال: وكان الظاهر ما قاله موسى: {أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَاكِيَةً بِغَيْرِ نَفْسٍ} [الكهف: 73]، فأعلم اللهُ سبحانه الخضرَ ما كان الغلام عليه في الفطرة التي فُطِر عليها، وأنَّه لا تبديل لخلق الله، فأمره بقتله لأنَّه كان قد طُبِع يومَ طُبِع كافرًا.
قال إسحاق: فلو ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس ولم يبيِّن لهم حكم الأطفال لم يعرفوا المؤمنين منهم من الكافرين، لأنَّهم لا يدرون ما جُبِل كلُّ واحدٍ عليه حين أُخرج من ظهر آدم، فبيَّن النبي - صلى الله عليه وسلم - حكمَ الدنيا في الأطفال: «أبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه»، يقول: أنتم لا تعلمون ما طبع عليه في الفطرة الأولى، ولكن حكم الطفل في الدنيا حكم أبويه، فاعرفوا ذلك بالأبوين، فمن