
أحكام أهل الذمة - المجلد الثاني
[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (34)]
تحقيق: نبيل بن نصار السندي
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الثانية، 1442 هـ - 2021 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 518
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
هنا: فطر الله الناس على ذلك= على إقامة الدين حنيفًا.
وكذلك فسَّره السلف، قال ابن جرير (1) في هذه الآية: يقول: فسدِّد وجهَك نحوَ الوجه الذي وجَّهك الله يا محمد لطاعته وهو الدين حنيفًا، يقول: مستقيمًا لدينه وطاعته. {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا}، يقول: صنعة الله التي خلق الناس عليها. ونصب {فِطْرَتَ} على المصدر من معنى قوله: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا}، وذلك أنَّ معنى [ذلك] (2): فَطَر اللهُ الناس على ذلك فطرةً.
قال: وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. ثم روى عن ابن زيدٍ قال: {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا}، قال: هي الإسلام، منذ خلقهم الله من آدم جميعًا يقرون بذلك، وقرأ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَن يَقُولُوا يَوْمَ اَلْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} [الأعراف: 172]، فهذا قول الله: {كَانَ اَلنَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اَللَّهُ اُلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ} [البقرة: 211].
ثم ذكر بإسناد صحيح عن مجاهد قال: {فِطْرَتَ اَللَّهِ اِلَّتِي فَطَرَ اَلنَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 29]، قال: الدين الإسلام.
[وقال:] حدثنا ابن حميدٍ، حدثنا يحيى بن واضحٍ، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن يزيد بن أبي مريم قال: مرَّ عمر بمعاذ بن جبل، فقال: ما قِوام