عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

7065 3

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

وقد استفاد ابن القيم من كتاب الغزالي هذا دون أن يشير إلى ذلك، وذلك ظاهر لمن تأمَّل الكتابين.

وسوف أعرض هنا المواطن المتشابهة من الكتابين التي يغلب على الظن أن ابن القيم استفاد منها، وهي:

* في مقدمة الكتاب، عند بيان ابن القيم لأهمية الكتابة في هذا الموضوع قال: "فصل: ولما كان الإيمان نصفين: نصف صبر ونصف شكر. . . " إلخ، ثم بنى كلامه على هذه الجملة.

ومن نظر في "إحياء علوم الدين" يجد أن ابن القيم قد استعار هذه العبارة منه في مقدمة الكلام على الصبر والشكر (4/ 52) حيث يقول الغزالي: "أما بعد، فإن الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر. . . " إلخ.

بل إن الغزالي هنا أردف أمرًا ثانيًا لبيان أهمية الكتابة في هذا الموضوع، فقال بعد الكلام السابق: "وهما (1) أيضًا وصفان من أوصاف اللَّه تعالى واسمان من أسمائه الحسنى؛ إذ سمى نفسه صبورًا وشكورًا، فالجهل بحقيقة الصبر والشكر جهلٌ بكلا شطري الإيمان، ثم هو غفلة عن وصفين من أوصاف الرحمن. . . ".

وهذا الأمر أخّره المصنِّف إلى الباب السادس والعشرين، وهو الباب الأخير فقال: "الباب السادس والعشرون: في بيان دخول الصبر والشكر في صفات الرب جل جلاله، وتسميته بالصبور والشكور، ولو لم يكن للصبر والشكر من الفضيلة إلا ذلك لكفى به".

الصفحة

27/ 56

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربّ يسّر وأعن

الحمدُ للَّه الصَّبورِ الشَّكورِ العليّ الكبير السميع البصير العليم القدير، الذي شملت قدرتُه كلَّ مقدور، وجَرت مشيئتُه في خلقه بتصاريفِ الأمور، وأَسمعت دعوتُه لليوم الموعود أصحابَ القبورِ، قَدَّرَ مقاديرَ الخلائقِ وآجالَهم، وكتب آثارَهم وأعمالهم، وَقسَّم بينهم معايشَهم وأموالَهم، وخَلَق (1) الموتَ والحياةَ لِيَبلُوَهم أيُّهم أحسنُ عملًا وهوَ العزيزُ الغفورُ، القاهرُ القادرُ، فكلُّ عسيرٍ عليه يَسير، والمولى النَّاصِرُ، فَنِعمَ المولى ونعمَ النَّصيرُ.

{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [1] هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [2] خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [3] يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [التغابن: 1 - 4].

وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، إله جلَّ عن الشَّبيه والنظير، وتعالى عن الشَّريكِ والظَّهيرِ، وتقدَّسَ عن تعطيل الملحدين، كما تنزّه عن شَبَهِ المخلوقين، فـ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير [11]} (2) [الشورى: 11].

الصفحة

3/ 549

مرحباً بك !
مرحبا بك !