عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين

7883 4

 [آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]

المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)

المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا

راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران

الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)

الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)

عدد الصفحات: 549

[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]


مشاركة

فهرس الموضوعات

أما أبواب الكتاب، فكانت على النحو التالي: خصص الأبواب من الأول إلى الثامن عشر للصبر وما يتعلق به من تعريفه وحقيقته وأسمائه بالإضافة إلى متعلقه، والفرق بين الصبر والتصبر والاصطبار والمصابرة، وتقسيمه باعتبار محله، وبحسب اختلاف قوته وضعفه، وباعتبار متعلقه، وباعتبار تعلق الأحكام الخمسة به، وبيان تفاوت درجاته، وانقسامه إلى محمود ومذموم، والفرق بين صبر الكرام وصبر اللئام، وفي الأسباب التي تعين عليه، وبيان أن الإنسان لا يستغني عن الصبر، وفي بيان أشقِّه على النفوس، وفيما ورد فيه من نصوص الكتاب والسنة والآثار، ثم أمور تتعلق بالمصيبة من البكاء والندب وشق الثياب ودعوى الجاهلية ونحوها. ثم في الأبواب من التاسع عشر إلى الرابع والعشرين أدخل الشكر وأشركه في موضوع الكتاب، فتحدث فيها أن الإيمان نصفان صبر وشكر، وفي تنازع الناس في الأفضل منهما، ثم حكم بين الفريقين، وتكلم عن اختلاف الناس في الغني الشاكر والفقير الصابر، ثم ذكر حجة كلٍ. وخصص البابَ الخامسَ والعشرين لبيان أمور تضاد الصبر وتنافيه وتقدح فيه، وكأنه أراد إخراج من يقع في شيء من ذلك من الدخول في خلاف الأفضلية بين الفقير الصابر والغني الشاكر، فذكر أمورًا قد تخفى على كثير ممن يدعي الصبر؛ من الشكوى إلى المخلوق والأنين والهلع. ثم في الباب السادس والعشرين -وهو آخر الأبواب- أراد بيان فضيلة عظيمة لكلٍ من الصبر والشكر، ألا وهي دخولهما في صفات الرب جل جلاله وأنه لو لم يكن للصبر والشكر من الفضيلة إلا ذلك لكفى.

الصفحة

15/ 56

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

ربّ يسّر وأعن

الحمدُ للَّه الصَّبورِ الشَّكورِ العليّ الكبير السميع البصير العليم القدير، الذي شملت قدرتُه كلَّ مقدور، وجَرت مشيئتُه في خلقه بتصاريفِ الأمور، وأَسمعت دعوتُه لليوم الموعود أصحابَ القبورِ، قَدَّرَ مقاديرَ الخلائقِ وآجالَهم، وكتب آثارَهم وأعمالهم، وَقسَّم بينهم معايشَهم وأموالَهم، وخَلَق (1) الموتَ والحياةَ لِيَبلُوَهم أيُّهم أحسنُ عملًا وهوَ العزيزُ الغفورُ، القاهرُ القادرُ، فكلُّ عسيرٍ عليه يَسير، والمولى النَّاصِرُ، فَنِعمَ المولى ونعمَ النَّصيرُ.

{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [1] هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [2] خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [3] يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [التغابن: 1 - 4].

وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، إله جلَّ عن الشَّبيه والنظير، وتعالى عن الشَّريكِ والظَّهيرِ، وتقدَّسَ عن تعطيل الملحدين، كما تنزّه عن شَبَهِ المخلوقين، فـ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير [11]} (2) [الشورى: 11].

الصفحة

3/ 549

مرحباً بك !
مرحبا بك !