[آثار الإمام ابن قيم الجوزية وما لحقها من أعمال (15)]
المؤلف: أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية (691 - 751)
المحقق: إسماعيل بن غازي مرحبا
راجعه: سليمان بن عبد الله العمير - محمد أجمل الإصلاحي - علي بن محمد العمران
الناشر: دار عطاءات العلم (الرياض) - دار ابن حزم (بيروت)
الطبعة: الرابعة، 1440 هـ - 2019 م (الأولى لدار ابن حزم)
عدد الصفحات: 549
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
4 - ومن أهميته أنه جاء "ممتعًا لقارئه، مريحًا للناظر فيه، مسليًا للحزين، ومنهضًا للمقصرين، محرّضًا للمشمّرين". 5 - أنه جاء "مشتملًا على نكاتٍ حسانٍ من تفسير القرآن"، و"على أحاديث نبوية معزوة إلى مظانها، وعلى "آثار سلفية منسوبة إلى قائلها". 6 - ومن أهميته اشتماله على "مسائل فقهية حسان مقرَّرة بالدليل". 7 - وكذلك فمن أهميته وجود "دقائق سلوكية على سواء السبيل، وذكر أقسام الصبر ووجوهه، والشكر وأنواعه، وفصل النزاع في التفضيل بين الغني الشاكر والفقير الصابر، وذكر حقيقة الدنيا وما مَثَّلها اللَّهُ ورسولُه والسلف الصالح به، والكلام على سِرّ هذه الأمثال ومطابقتها لحقيقة الحال، وذكر ما يذم من الدنيا ويحمد، وما يقرّب منها إلى اللَّه ويبعّد، وكيف يشقى بها من يشقى ويسعد بها من يسعد". 8 - "وغير ذلك من الفوائد التي لا تكاد تظفر بها في كتاب سواه". 9 - ومن أهميته أنه "كتاب يصلح للملوك والأمراء، والأغنياء والفقراء، والصوفية والفقهاء". * * * المبحث الخامس: العلوم التي حواها الكتاب: العلوم التي حواها كتاب عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين متعددة ومختلفة، كما يلوح ذلك من خلال ذكر أهمية الكتاب في المبحث السابق. 1 - أما الموضوع الرئيس للكتاب والعِلْم الأساس الذي حواه، وهو الذي كُتب من أجله، فهو: علم السلوك والزهد، فمصنفه وضعه ليُعرف قارئه
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
ربّ يسّر وأعن
الحمدُ للَّه الصَّبورِ الشَّكورِ العليّ الكبير السميع البصير العليم القدير، الذي شملت قدرتُه كلَّ مقدور، وجَرت مشيئتُه في خلقه بتصاريفِ الأمور، وأَسمعت دعوتُه لليوم الموعود أصحابَ القبورِ، قَدَّرَ مقاديرَ الخلائقِ وآجالَهم، وكتب آثارَهم وأعمالهم، وَقسَّم بينهم معايشَهم وأموالَهم، وخَلَق (1) الموتَ والحياةَ لِيَبلُوَهم أيُّهم أحسنُ عملًا وهوَ العزيزُ الغفورُ، القاهرُ القادرُ، فكلُّ عسيرٍ عليه يَسير، والمولى النَّاصِرُ، فَنِعمَ المولى ونعمَ النَّصيرُ.
{يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [1] هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [2] خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ [3] يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} [التغابن: 1 - 4].
وأشهدُ أن لا إله إلا اللَّه وحدَه لا شريكَ له، إله جلَّ عن الشَّبيه والنظير، وتعالى عن الشَّريكِ والظَّهيرِ، وتقدَّسَ عن تعطيل الملحدين، كما تنزّه عن شَبَهِ المخلوقين، فـ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير [11]} (2) [الشورى: 11].